ماء زمزم لما شرب له

بسم الله والحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، وبعد : ماء زمزم معجزة لنبي من انبياء الله اسماعيل عليه الصلاة والسلام عندما هاجر به ابوه ابراهيم عليه الصلاة والسلام و بامه هاجر الى مكة المكرمة ارضا مهجورة فتركهما وترك لهما كيساً فيه تمر وسقاء فيه ماء فلحقته هاجر وتعلقت بثيابه وقالت : يا ابراهيم اين تذهب وتدعنا ههنا وليس معنا ما يكفينا ؟ فلم يجبها وجعلت تقول له ذلك مراراً وهو لا يجيبها فقالت له :ءالله امرك بهذا ؟ قال : نعم ، فقالت : اذاً لا يُضيعُنا .
فمكثت هاجر مع ولدها اسماعيل عليه السلام حتى نفذ الماء الذي في السّقاء فعطشت و عطش ابنها وكان يبكي ويتلوى من شدة العطش ،فانطلقت بحثاً عن الماء وكانت تسعى بين الصفا والمروة فتصعد الى الصفا وتهبط منه متجهة الى المروة حتى اتمت سبع مرات فسمعت صوتاً وقالت اغثنا ان كان عندك غواث ! فرأت جبريل عليه السلام عند موضع زمزم يضرب بقدمه حتى ظهر الماء فجعلت تُحّوِّضُه بيدها – أي تجعله حوض – لئلا يذهب وتغرف منه لتشرب وترضع منه ولدها اسماعيل ثم اخذت الطيور تدور حول الماء ، وبعدها مرت قبيلة جُرهم و رأت الطيور حائمة حول هذه البقعة المبارمة فعلموا بوجود الماء فاقتربوا منه واستأذنوا من هاجر ام اسماعيل بالنزول عند هذا المكان، فاذنت لهم واستأنست بوجودهم حولها ، ثم اخذ العُمران يتكاثرببركة ماء زمزم الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خير ماء على وجه الارض ماء زمزم فيه طعام من الطعم و شفاء من السقم)) ، رواه مسلم ،فهو افضل المياه على وجه الارض ، وقد اكدت الدراسات العلمية زالتحاليل الكيميائية انها مياه صافية طاهرة لا لون لها ولا رائحة وهي خالية من الجراثيم و خالية من أي ضرر صحي بل هي مفيدة جداًبقدرة الله تعالى .
ومعنى الحديث الشريف ان الانسان يشبع من مائه اذا شرب كما يشبع من الطعام اذا اكله وانه يزيل المرض و يبرئ العلة ، وكمت قال صلى الله عليه وسلم : (( ماء زمزم لما شرب له )) رواه ابن ماجه ، فهو ماء يغني عن الطعام ويشفي من السقام فمن شربه للاستشفاء شافاه الله تعالى من كل داء ، ومن شربه لتفريج الهم همه ، وقد شربه جمع من العلماء لمطالب فنالوها ، فقد روي عن الامام اب حنيفة رحمه الله انه شرب منه لينال العلم والفقه فكان افقه زمانه ، وكذلك الامام الشافعي رحمه الله شربه للعلم فنال غايته .
و ينبغي لمن شربه ان يشربه على صدق ويقين من اثر هذا الماء المبارك لينال مطلبه ، ويستحب للشارب ان يكثر من شربه حتى يمتلئ و يرتوي منه حتى يشبع ، فمن كان مريضاً او مهمواً مثلا يصب الماء على جسده ويكثر من الشرب مصدقاً بحديث النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام وجازماً بقلبه وعقله ان الله سيحقق له مراده ، وان يدعو عند شربه فمن شربه للمغفرة يقول عند شربه :اللهم انه بلغني ان رسولك صلى الله عليه الصلاة والسلام انه قال : ماء زمزم لما شرب له ، اللهم واني اشربه لتغفر لي اللهم اغفر لي ، لمن شربه للاستشفاء من مرض قال : اللهم اجعله لي شفاء من كل داء ، ومن شربه لتفريج همه قال : اللهم اجعله مفرجاً لهمي ، والدعاء بحسب الغاية من شربه ، ولا يستجاب الدعاء الا مع الاخلاص وقوة الاعتقاد وقد يدعو المؤمن ويتأخر حصول المطالب لحكمه لا يعلمها الا الله تعالى ، وقد لا يتحقق الدعاء في الدنيا ولكنه يدخر له في آخرته او يكون دافعاً لبلاء قد يصيبه في دنياه ، وان لم يتحقق الدعاء فهو لضعف الاعتقاد ، يقول العلامة ابن حجر : قد يتخلف الشفاء عن بعض من يستعمل طب النبوة وذلك لمانع قام بالمستعمِل ، من ضعف اعتقاد الشفاء به وتلقيه بالقبول ، واظهر الامثلة في ذلك القرىن الذي هو شفاء لما في الصدور ومع ذلك فقد لا يحصل لبعض الناس شفاء صدره لقصور في الاعتقاد والتلقي بالقبول ، لا بل يزيد المنافق الا رجساً الى رجسه و مرضاً الى مرضه ، فطب النبوة لا يناسب الا الابدان الطيبة ، كما ان شفاء القرآن لا يناسب الا القلوب الطيبة ، والله اعلم ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين